Al Sada Magazine
July 2012 (Arabic) – Juillet 2012 (Arabe)

ابن غادير (جونيه) وفي مدرسة الأخوة المريميين تعلم فأجاد من اللغات: العربية، الفرنسية، الاسبانية والانكليزية وانتسب الى محترفات كبار في الرسم: عمر أنسي، جورج قرم ورشيد وهبي قبل أن ينال ثلاث منح من حكومات ثلاث: الاسبانية، الفرنسية واللبنانية، وعاد منها بشهادات عالمية كان آخرها الدكتوراه فدرس وأشرف وتولى مسؤوليات في عدد من المعاهد والجامعات اللبنانية. وتخطت شهرته حدود العالم العربي ودخلت لوحاته الى متاحف عالمية وعرضت أعماله في 24 دولة.

من غادير بدأ المشوار – لوحات جوزف مطر مشهدية تكشف روح العطاء 

في حضور جوزف مطر يتشعب الحديث ويتنتقل من الكلام عن الأشجار والأزهار الى الرسم والتحضير لمعرضه الجديد، بعدها يسحب كمية من الأوراق ليقرأ عليك بعضا ً من قصائده باللغة الفرنسية، وهي قصائد كان يكتبها بعد انتهاء دروسها الجامعيه، ويشرح الرسومات التي زين بها تلك القصائد…

أول المشوار 

“جوزف مطر فنان مبدع وصاحب نظرية وتقنية، متحرر من ثقل أي نظام، يعبر عن نفسه في الضوء… ضوء اذا لم ينبع من عمق الذات بالنسبة اليه، لا يمكن أن يجده في أي مكان آخر”. بهذه الكلمات وصف جان دولا لاند الرسام اللبناني الذي تفتحت عيناه على لون الأفق الملامس للون البحر، ومن بلدته المطلة على خليج جونيه غرف حب الألوان وتدرجاتها الممزوجة بنقاء زهر اللون الأبيض بتدرجاته الزهرية الخجول.

من غادير بدأ المشوار وفيها تفتحت شهوة الفنان على اعادة رسم مشاهد ظلت ترافقه سنوات طويلة، حتى بعد السفر والعيش في الخارج، فنجد خليج جونيه ماثلاً في لوحاته وكذلك بيوت جونيه العتيقة، تماما ً مثلما هي في ذاكرته التي ما تزال تغلفها بوشاح من الحنين الحاضن لكل التفاصيل الصغيرة التي اندحرت معالمها الحالية، من طرقات ضيقة وأدراج طويلة وزنابق بيضاء أمام مصطبات البيوت المرصوفة على سفح تلة بكركي.

النور لا يغيب عن لوحات مطر الا في حالات محددة ومحدودة جدا ً، فهو يضج ضياء ً وريشته مغمسة بالضوء الممزوج بفرح الألوان، اذ تتمتع لوحته بهوية خاصة لم تتبدل منذ البدايات، وقراءة هذه اللوحة ليست رحلة عابرة الى بريق اللون والخط، بل غوص الى الجوهر لاكتشاف معرفة ولايضاح رمز للتمتع بمشهدية فيها الكثير من روح العطاء.

الأرض والشجرة 

تتمحور موضوعات مطر حول الأرض والشجر والمواسم والناس، تاركة في الوقت نفسه للمخيلة حق مشاركة العين في اكتشاف أسرار الفنان.

يعتبر الفنان أن الكائن البشري يعمل ضمن بيئة تكون جزءا ً من المجتمع الانساني الأكبر، وبذلك يساهم في صنع الاستمرار، مستعملا ً أدوات تعبير اصطلاحية وموحدة للتبادل والتفاهم والاتصال بهذه الأدوات، مرتبطا ً أشد الارتباط بمصيره المليء بالغموض، وهكذا تتجلى في الانسان صنعة اجتماعية.

… وعن الحلم وأبعاده في اللوحة يقول مطر: “انه نوع من حياة الدماغ، يتحول الى شعر ولون وموضوغ، يفهمه المجتمع وتتجاوب معه النفس البشرية… كذلك فان اللفتة الانسانية هي أبعد من الخط واللون وأكثر أهمية”.

أما الانسان فله مكانة مميزة في أعماله، وعن ذلك يقول: “منذ حوالى ثلاثين عاما ً قال أحد الفلاسفة الألمان: ان الشعب ذات الحضارة المميزة هي الشعوب التي تكرم الانسان والكتاب والشجرة… وسر الانسان يكمن في انتاجه، اذ ليس المهم أن نصنع… بل كيف نصنع… في “الكيفية”.

ويصر مطر على حضور الانسان شبه الدائم في لوحاته ويقول: “أنا مفتون به أصوره وأصور مجموعات من الناس في حصاد القمح، في قطاف الزيتون، في قلب المواسم… أما الشجرة فدورها أيضا ً بارز ولا أرى شجرة تشبه شجرة أخرى، فلكل واحدة خصائصها وشكلها ومميزاتها… وأراها من خلال عين الفنان وربما تكون مرآة ذاته…”.

ندى عيد – مجلة كسروان