Al Rawabit
An article from January – 2003, N. 47 (Arabic)
Un article de Janvier – 2003, N. 47 (En Arabe)
الفنـان جوزيـف مطـر
ريشة لا تنضب والوان يزاوجها في عملية الخلق والابداع
عاشق الالوان والخطوط يبعث فيها نفس الجمال والحياة فتقف امام لوحاته مندهشا واذا بريشة الفنان جوزيف مطر تخطفك الى عمق اللوحة لتكشف مع كل واحدة منها سرا وسحرا ، حيث التأليف الكثيف يتماهي وروح الحالة الذهنية النفسية وما يومض ويخطر بابواب اللحظات…
الفنان جوزيف مطر الطالع من جونية والمتشبع خياله من جمال خليجها وبدائع احراج حريصا زاد خياله غنى من روعة الطبيعة الهادئة ومروجها الملونة بازهار الياسمين وشقائق النعمان والبيلسان حيث منزله في اعالي بلدة اده من بلاد جبيل .
«الروبط » التقط الفنان مطر في دارته حيث جدران البيت تلتقط بصرك قبل ان تسلم على الساكنين فيه . من المدخل الى الصالون الى غرفة الطعام وغرفة الجلوس لوحات تستوقفك فتدهشك .
بعد استراحة قصيرة مع فنجان قهوة ، والفنان مطر يمطرك بشيق احاديثه وغزارة مواضيعه مع حركة دائمة من اليدين وذرابة لسان و «عجقة» عينين تلمعان فطرة ذكاء واصالة موهبة .
قصدنا مشغل الفنان في الطابق السفلي الواسع والعريض ، مئات اللوحات تتكاثر امام ناظريك ليقفز الرقم الى ما بعد الالف وهي تتراكم على الدرج وفي الادراج ، بعضها يتكئ على بعض . انتقلنا من الغرفة الاولى الى الغرفة الثانية والثالثة ، حتى الخامسة ،وفي كل غرفة ادوات الرسم من حبر ومحابر وزيت وريش واقلام والفنان مطر يقلب هذه اللوحة ويسحب تلك ، يشرح لنا ما عناه بكل رسم ، بكل خط ، بكل لون ويحدثنا عن معارضه ومعروضاته ، فهذه المجموعة في معرض باريس وتلك في سويسرا وغيرها في اسبانيا وايطاليا والمانيا واميركا والارجنتين والمكسيك والبرازيل والكويت والعراق … الخ
فللفنان جوزيف مطر اكثر من 60 معرضا فرديا في لبنان والعالم .
جوزيف مطر الفنان
موهبته الفنية ظهرت بوادرها باكرا في شخصيته فبدأ وهو في الثامنة من عمره يخرطش رسما كلما توفر له حبر وريشة وورقة .
لم يكن لديه فلوس فصنع ادواته الاولى لرسم من ذنب البقرة والحصان وسواهما ثم اشترى المغرة / التراب الملون ومزجه بالزيت الصناعي وراح يرسم دون الارتكاز الى اية قاعدة علمية وتقنية .
علاقته بالفنان عمر الانسي
بقي هذا الفتى يرسم ويرسم دون اية اسس في قواعد الرسم حتى تعرف الى الفنان عمر الانسي وزاره في محترفه للمرة الاولى عام 1951 حاملا معه ما كان انتجه من رسوم فبادره الانسي :«ارمها جميعا يجب ان تبدأ من مكان اخر». وهكذا راح فتى كسروان يتثقف فنيا على يد رسام ماهر ، يتزود بتعليماته وتوجيهاته ثم يعرض عليه رسومه ولوحاته ويلاقي منه كل تشجيع ونصح .
باب الشهرة مفتوح
وكان لجوزيف مطر ان يتعرف على الفنان الكبير رشيد وهبي عام 1954 الذي احب عمله وفي نفس العام تعرف ايضا الى جورج القرم ابن الرسام المعروف داوود القرم وهكذا اكتملت شخصية جوزيف مطر الفنية على يد الثلاثي الكبير في ذلك العصر وهم : عمر الانسي ، رشيد وهبي وجورج القرم.
وقيض لجوزيف ان ينال منحة دراسية في فن الرسم من مدريد ، فالتحق بالمعهد العالي للفنون الجميلة ( سان فرناندو ) حيث كثف دراسته الاكاديمية وزار متحاف كثيرة وعاد وقد انجز اطروحته في الفن وحاز على لقب «بروفسور بالرسم ».
مارس البروفسور مطر التدريس في عدة جامعات منها «الكسليك ، وزارة التربية في ملاك التعليم الثانوي في دار المعلمين وفي الجامعة اللبنانية – كلية الفنون الجميلة »، الفنان مطر كان يشغله الصراع مع الوجود ، وتشغله لعبة الخلق . كان يلعب باللون فبات يلعب بالنور ، عالج في رسومه مواضيع كونية على علاقة بالانسان، بالله ، بالكون . وكان لتجواله على المحترفات والمتاحف والمكتبات في اوروبا واميركا وايطاليا وكبريات عواصم الدول والى نهمه غير المحدود في المطالعة ، وهو الذي يجيد الى العربية اللغة الفرنسية والاسبانية والانكليزية ، كان لكل هذا ،الاثر الفعال في رسومه . فهو رسام مثقف ، مرهف الحس ، شفاف ، يختزن الكثير من ثقافات وفنون الشعوب ، من هنا كانت غزارة انتاجه وكثرة معارضه .
ادرك الفنان جوزيف مطر ان طريق الفن صعب لان العمل الفني هو عمل تأليف وخلق ، ما يتطلب الكثير من الجد والكد والتعب فضلا عن الوحي والابداع وقد عالج مواضيع عدة: وجوه ، مناظر طبيعية صامتة ، امور دينية وتاريخية وابدعها بكل التقنيات : زيتية ، مائية ، حبر ، طباشير .
يقول الفنان مطر : انا اعمل ليل نهار ، وعندي ان الانسان هذا المخلوق ، هو خلاق ايضا ، فالعمل الفني خلق وشعر .
اما عن المعاصرة عنده فيضيف ، اعيش عصري واعبر عن رأي باسلوبي وفق مكونات شخصيتي .
وعن تمنياته يقول : كنت اتمنى لو انشأت بعض المتاحف في بيروت وسائر المدن اللبنانية ، هو حلم كان ومازال يراودني ، وبدورنا نتمنى ، ان يحقق الله للفنان الرسام الشهير جوزيف مطر هذا الحلم .
الروابط